فصل: قال المراغي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وفي الجو لة الثالثة والاخيرة في السورة عودة إلى الذين كفروا من قريش ومن اليهود وهجوم عليهم: {إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله وشاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى لن يضروا الله شيئا وسيحبط أعمالهم}..
وتحذير للذين آمنوا ان يصيبهم مثل ما اصاب اعدائهم: يا ايها الذين آمنوا اطيعوا الله وأطيعوا الرسول. ولا تبطلوا أعمالكم. ان الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار. فلن يغفر الله لهم..
وتحضيض لهم على الثبات عند القتال: {فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم}..
وتهوين من شان الحياة الدنيا واعراضها. وحض على البذل الذي يسره الله. ولم يجعله استئصالا للمال كله. رافة بهم. وهو يعرف شح نفوسهم البشرية. وتبرمها وضيقها لواحفاهم في السؤال:
{إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم ولا يسألكم أموالكم إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا ويخرج أضغانكم}..
وتختم السورة بما يشبه التهديد للمسلمين ان هم بخلوا بانفاق المال. وبالبذل في القتال: {ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا إمثالكم}..
انها معركة مستمرة من بدء السورة إلى ختامها؛ يظللها جو القتال. وتتسم بطابعه في كل فقراتها.
وجرس الفاصلة وايقاعها منذ البدء كانه القذائف الثقيلة: {أعمالهم}. {بالهم}. {أمثالهم}. {أهواءهم}. {امعائهم}.. وحتى حين تخف فانها تشبه تلويح السيوف في الهواء: {أوزارها}. {أمثالها}. {أقفالها}.
وهناك شدة في الصور كالشدة في جرس الالفاظ المعبرة عنها.. فالقتال أو القتل يقول عنه: {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب}.. والتقتيل والاسر يصوره بشدة: {حتى إذا اثخنتموهم فشدوا الوثاق}.. والدعاء على الكافرين يجيء في لفظ قاس: {فتعسا لهم وأضل أعمالهم}.. وهلاك الغابرين يرسم في صورة مدوية ظلا ولفظا: {دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها}.. وصورة العذاب في النار تجيء في هذا المشهد: {وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم}.. وحالة الجبن والفزع عند المنافقين تجيء في مشهد كذلك عنيف: {ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت}.. حتى تحذير المؤمنين من التو لي يجيء في تهديد نهائي حاسم: {وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم}..
وهكذا يتناسق الموضوع والصور والظلال والايقاع في سورة القتال. اهـ.

.قال الصابوني:

سورة محمد صلى الله عليه وسلم مدنية واياتها ثماني وثلاثون آية.
بين يدي السورة:
سورة محمد من السور المدنية. وهي تعنى بالاحكام التشريعية. شان سائر السور المدنية. وقد تناولت السورة احكا م (القتال. والاسرى. والغنائم. واحوال المنافقين). ولكن المحور الذي تدور عليه السورة هو موضوع (الجهاد في سبيل الله).. ابتدات السورة الكريمة بدءا عجيبا. باعلأن حرب سافرة على الكفار اعداء الله. واعداء رسوله. الذين حاربوا الإسلام. وكذبوا الرسول صلى الله عليه وسلم. ووقفوا في وجه الدعوة المحمدية. ليصدوا الناس عن دين الله {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله اضل أعمالهم} الآيات.
ثم امرت المؤمنين بقتال الكافرين. وحصدهم بسيوف المجاهدين. لتطهير الارض من رجسهم. حتى لا تبقى لهم شوكة ولا قوة. ثم دعت إلى اسرهم بعد اكثار القتل فيهم والجراحات {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا اثخنتموهم فشدوا الوثاق} الآيات.
ثم بينت طريق العزة والنصر. ووضعت الشروط لنصرة الله لعباده المؤمنين. وذلك بالتمسك بشريعته. ونصرة دينه {يا ايها الذين آمنوا ان تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم} الآيات. وضربت لكفار مكة الامثال بالطغاة المتجبرين من الامم السابقة. وكيف دمر الله عليهم بسبب اجرامهم وطغيانهم {افلم يسيروا في الارض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها}.
وتحدثت السورة باسهاب عن صفات المنافقين. باعتبارهم الخطر الداهم على الإسلام والمسلمين. فكشفت عن مساوئهم ومخازيهم ليحذر الناس مكرهم وخبثهم {ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم} الآيات.
وختمت السورة الكريمة بدعوة المؤمنين إلى سلوك طريق العزة والنصر. بالجهاد في سبيل الله. وعدم الوهن والضعف امام قوى الشر والبغي. وحذرت من الدعوة إلى الصلح مع الاعداء. حرصا على الحياة والبقاء. فان الحياة الدنيا زائلة فانية. وما عند الله خير للابرار {فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم انما الحياة الدنيا لعب ولهو وان تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم ولا يسالكم أموالكم} إلى نهاية السورة الكريمة.
وهكذا ختمت السورة بالدعوة إلى الجهاد. كما بدات بالدعوة اليه. حفزا لعزائم المؤمنين. وليتناسق البدء من الختاء الطف التثام!!. اهـ.

.قال أبو عمروالداني:

سورة محمد 47 مدنية ونظيرتها في غير الكوفي والبصري القيامة ولا نظير لها فيهما.
وكلمها خمس مئة وتسع وثلاثون كلمة.
وحروفها الفان وثلاث مئة وتسعة واربعون حرفا.
وهي ثلاثون وثماني آيات في الكوفي وتسع في المدنيين والمكي والشامي واربعون آية في البصري.
اختلافها آيتان {أوزارها} لم يعدها الكوفي وعدها الباقون {للشاربين} عدها البصري ولم يعدها الباقون وكلهم عدها في والصافات.
وفيها مما يشبه الفواصل وليس معدودا باجماع سبعة مواضع {فضرب الرقاب} {فشدوا الوثاق} {لأنتصر منهم} {ببعض} {آنفًا} {لأريناكهم} {بسيماهم}.

.ورءوس الآي:

{أعمالهم}.
1- {بالهم}.
2- {أمثالهم}.
3- {أوزارها}.
* {أعمالهم}.
4- {بالهم}.
5- {عرفها لهم}.
6- {أقدامكم}.
7- {أعمالهم}.
8- {أعمالهم}.
9- {أمثالها}.
10- {لا مولى لهم}.
11- {مثوى لهم}.
12- {ناصر لهم}.
13- {أهواءهم}.
14- {أمعاءهم}.
15- {أهواءهم}.
16- {تقواهم}.
17- {ذكراهم}.
18- {ومثواكم}.
19- {فأولى لهم}.
20- {خيرا لهم}.
21- {أرحامكم}.
22- {أبصارهم}.
23- {أقفالها}.
24- {وأملى لهم}.
25- {أسرارهم}.
26- {وأدبارهم}.
27- {أعمالهم}.
28- {أضغانهم}.
29- {أعمالكم}.
30- {أخباركم}.
31- {أعمالهم}.
32- {أعمالكم}.
33- {الله لهم}.
34- {أعمالكم}.
35- {أموالكم}.
36- {أضغانكم}.
37- {امثالكم}. اهـ.

.فصل في معاني السورة كاملة:

.قال المراغي:

سورة محمد صلى الله عليه وسلم:
صدوا عن سبيل اللّه: أي صرفوا الناس عن الدخول في الإسلام. وذلك يستلزم انهم منعوا انفسهم عن الدخول فيه. اضل أعمالهم: أي ابطلها. وهو الحق من ربهم:
أي وهو الحق الثابت الذي لا مرية فيه. بالهم: أي حالهم في الدين والدنيا بالتوفيق لصالح الاعمال. واصل البال: الحال التي يكترث بها. ولذلك يقال ما باليت به: أي ما اكترثت به. ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «كل امر ذى بال» الحديث.
{يضرب اللّه للناس أمثالهم}: أي يبين لهم مال أعمالهم وما يصيرون اليه في معادهم.
لقيتم من اللقاء: وهو الحرب. فضرب الرقاب: أي فالقتل. وعبر به عنه تصويرا له باشنع صورة وهو حزّ العنق واطارة العضوالذي هو راس البدن واوجه اعضائه ومجمع حواسه. وبقاء البدن ملقى على هيئة مستبشعة. وفى ذلك من الغلظة والشدة ما ليس في لفظ القتل. واثخنتموهم: أي اكثرتم القتل فيهم. فشدّوا الوثاق: أي فاسروهم. والوثاق: (بالفتح والكسر): ما يوثق به. منّا: أي اطلاقا من الاسر بالمجّان. فداء: أي اطلاقا في مقابلة مال أو غيره. والاوزار في الاصل: الاحمال ويراد بها الات الحرب واثقالها من السلاح والكراع. قال الاعشى:
واعددت للحرب أوزارها ** رماحا طوالا وخيلا ذكورا

ومن نسج داود موضونة ** تساق مع الحىّ عيرا فعيرا

انتصر: أي انتقم ببعض اسباب الهلاك من خسف أو رجفة اوغرق. ليبلو:
أي ليختبر. يضلّ: أي يضيع. بالهم. أي شانهم وحالهم. عرّفها. أي بينها واعلمها. ان تنصروا اللّه: أي تنصروا دينه. يثبت أقدامكم: أي يوفقكم للدوام على طاعته. فتعسا لهم. من قولهم: تعس (بفتح العين) الرجل تعسا: أي سقط على وجهه. وضده انتعش: أي قام من سقوطه. ويقال تعسا ونكسا (بضم النون): أي سقوطا على الوجه وسقوطا على الراس. احبط أعمالهم: أي ابطلها.
مثل الجنة: أي صفتها. آسن: أي متغير الطعم والريح لطول مكثه. وفعله آسن (بالفتح من بابى ضرب ونصر. وبالكسر من باب علم) لذة تانيث لذّ. وهو اللذيذ. مصفى: أي لم يخالطه الشمع ولا فضلات النحل ولم يمت فيه بعض نحله كعسل الدنيا. حميما: أي حارّا. والامعاء: واحدها معى (بالفتح والكسر) وهو ما في البطون من الحوايا.
آنفًا: أي قبيل هذا الوقت. ماخوذ من انف الشيء لما تقدم منه. واصل ذلك الأنف بمعنى الجارحة ثم سمى به طرف الشيء ومقدمه واشرفه. اتاهم: أي الهمهم. بغتة: أي فجاة. والاشراط: العلامات. واحدها شرط (بالسكون والفتح) ومنه اشراط الساعة. قال أبو الاسود الدؤلي:
فان كنت قد ازمعت بالصّرم ** بيننا فقد جعلت اشراط أوله تبد

وفانى لهم: أي كيف لهم. ذكراهم: أي تذكرهم. متقلبكم: أي تقلبكم لاشغالكم في الدنيا. ومثواكم: أي ماواكم في الجنة أو النار.
لولا: كلمة تفيد الحثّ على حصو ل ما بعدها. أي هلا انزلت سورة في امر الجهاد. محكمة: أي بيّنة واضحة لا احتمال فيها لشىء آخر. مرض: أي ضعف ونفاق. نظر المغشىّ عليه من الموت: أي كما ينظر المصروع الذي لا يطرف بصره جبنا منه وهلعا. أولى لهم: أي فويل لهم. وهو من الولي بمعنى القرب. والمراد الدعاء عليهم بان يليهم المكروه ويقرب منهم. عزم الأمر: أي جدّ اولوالامر. عسى كلمة تدل على توقع حصو ل ما بعدها. توليتم أي توليتم أمور الناس. وتامرتم عليهم.
يتدبرون القرآن: أي يتصفحون ما فيه من المواعظ والزواجر حتى يقلعوا عن الوقوع في الموبقات. ارتدوا على أدبارهم: أي رجعوا إلى ما كانوا عليه من الكفر. سول لهم: أي سهّل لهم وزين. وأملى لهم: أي مدّ لهم في الامانى والامال. يضربون وجوههم وأدبارهم: أي يتوفونهم وهم على اهوال الاحوال وافظعها. والاضغان: واحدها ضغن. وهو الحقد الشديد. وتضاغن القوم واضطغنوا إذا ابطنوا الاحقاد. قال:
قل لابن هند ما اردت بمنطق ساء الصديق وشيّد الاضغانا؟
لأريناكهم: أي لعرّفناكهم. والسيمى: العلامة. ولحن القول: اسلوبه بامالته عن وجهه من التصريح إلى التعريض والتورية. ولنبلونكم: أي لنختبرنّكم.
شاقوا الرسول: أي عادوه وخالفوه. واصله صاروا في شقّ غير شقه. فلا تهنوا:
أي فلا تضعفوا عن القتال. من الوهن وهو الضعف. وقد وهن الإنسان ووهّنه غيره. وتدعوا إلى السلم: أي تدعوا الكفار إلى الصلح خوفا واظهارا للعجز. الأعلون: أي الغالبون. واللّه معكم: أي ناصركم. لن يتركم أعمالكم: أي لن ينقصكموها من وترت الرجل: إذا قتلت له قتيلا من ولد اواخ اوحميم اوسلبت ماله وذهبت به. فشبه اضاعة عمل العامل وتعطيل ثوابه بوتر الواتر وهو اضاعة شىء معتد به من الأنفس والاموال.